لينشأ هادئاً مطيعاً وسوياً
امدحي طفلك وقبليه ولا توبخيه
حتى ينشا طفلك هادئاً مطيعاً جميلاً ، هناك قواعد يجب أن تتعلمها كل أم وتبدأ في تطبيقها بهدوء وحكمة ، فخبراء التربية يقدمون لكل أم نصائح عديدة للتعامل مع الطفل بهدوء كي يمو طفلك مطيعاً هادئاً لا يصرخ ولا يرفع صوته ولا يعترض بشكل فج ، ولكي ينشأ الطفل علي هذه الشاكلة يجب علي الأم أن تجهز نفسها أولاً وتربي ذاتها علي الهدوء والتأني وعدم الصراخ فوضع القاعدة يتطلب من واضعها الالتزام بها أولاً قبل فرضها علي طفلها .
د. حسناء الأعصر ـ أستاذ علم نفس الطفل بجامعة القاهرة ـ تؤكد أن الطفل لا ينسجم تفكيره مع ما يعتبره الوالدان مفيداً أو مضراً ، موضحة أن تلبية رغبات الصغار للتخلص من صراخهم يدمر شخصياتهم ومن المهم معرفة لماذا يقابل الابن الأوامر بالرفض التام حتي يصل الأمر إلي حد لجوء الأم لعتابه مما يزيد من انفعالاته وصراخه.
وتؤكد د. حسناء أن الطفل في حاجة إلي دفء مشاعر الأم التي قد تلهيها مشكلات العمل عنه فلا ذنب لتحمل الصغير عصبيتها , فالهدوء من أصول التعامل مع الأزمات ولو علا صراخ الأم والابن لزادت حدة المشكلة دون الوصول إلي حل.
تحلي بالصبر
وأوضحت د.حسناء أن واجب الأم إقناع صغيرها باستحالة تحقيق كل مطالبه لأن المنزل له ميزانية محددة فلا حلوي إلا في جمع الأسرة ولا يختص واحد دون آخر ، ولا تمييز إلا لمن يحصل علي درجات عالية لأن الواجبات المدرسية هي عمله الأساسي واللعب لا يكون إلا بعد الانتهاء من الواجبات وغير ذلك مرفوض ، وحين يأتي وقت النوم ويرفض الطفل الامتثال لأمر والدته مبدياً رغبته في مشاهدة التليفزيون يجب علي الأم مصاحبته لحجرته وغلق النور وتبدأ في جذب انتباهه إلي أحداث القصة التي ترويها له حتي يغلب عليه النوم بشرط ألا تكون القصة مرعبة.
وفي حالة طلب شيء مماثل لما رآه في بيت قريب أو زميل لا تتسرعي في الرفض حتي لا تشعريه بالنقص والدونية بل تعاملي بحكمة موضحة له أن كل فرد له إمكانياته وظروفه, وأن الشيء الذي يرغب فيه يمكن الاستغناء عن ثمنه واستبداله برحلة مع باقي الأسرة ليفهم الصغير أن المال لا ينفق هباء بل يحتاج لجهد فيتعلم أن السماء لا تمطر ذهباً وأن عليه أن يذاكر ويجتهد ليحصل علي ما يريده.
وتضيف د.حسناء أن حدة الصغار والكبار وعصبيتهم تتضاعف أيام الدراسة والامتحانات, لذلك يجب التحلي بالصبر لأن الواجبات المدرسية قد تفوق قدرات الصغير الذي قد يكون بطيء الفهم والتحصيل ويحتاج إلي الهدوء والمعاونة حتي لا يلجأ للتخلص من المذاكرة واختلاق أي عذر كالمغص أو القيء, ويمكن للأم إذا شعرت بأنه مرهق منحه فترة صغيرة للراحة دون تكذيبه ثم الجلوس بجواره لمعاودة المذاكرة فكلمة " لا " سلاح ذو حدين.
أما الاستشارية النفسية الأمريكية 'فيري والاس' فتقدم لكل أم مجموعة من الخطوات التي يمكنها اتباعها مع الطفل لكي ينشأ الطفل هادئاً مطيعاً لا يصرخ ولا يتذمر ، ومنها الخطوات التالية :-
1ـ علمي طفلك القواعد بإيجابية :
وهو ما يعني أن تدفعي طفلك للسلوك الإيجابي من خلال جمل قصيرة وإيجابية ومحددة ، فبدلاً من 'كن جيدًا' أو 'أحسن سلوكك ولا ترمي الكتب'، قولي: 'الكتب مكانها الرف'.
2ـ اشرحي الأوامر واتبعيها أيضاً:
إن إلقاء الأوامر طوال اليوم قد يؤدي إلي المقاومة عند الطفل،وتذمره ، ولكن عندما تعطي الطفل سببًا منطقيًا لتعاونه، فمن المحتمل أن يتعاون أكثر، فبدلاً من أن تقولي للطفل: 'اجمع ألعابك' قولي: 'يجب أن تعيد ألعابك مكانها، وإلا ستضيع الأجزاء أو تنكسر'، وإذا رفض الطفل فقولي: 'هيا نجمعها معًا' وبذلك تتحول المهمة إلى لعبة.
3ـ لا تنتقدي طفلك انتقدي سلوكه :
أكدي للطفل أن فعله غير مقبول، وليس هو نفسه فقولي: 'هذا فعل غير مقبول' ولا تقولي مثلاً: 'ماذا حدث لك' أي لا تصفيه بالغباء، أو الكسل، فهذا يجرح احترام الطفل لذاته، ويصبح نبوءة يتبعها الصغير لكي يحقق هذه الشخصية.
4ـ احترمي رغباته :
من الطبيعي بالنسبة لطفلك أن يتمنى أن يملك كل لعبة في محل اللعب عندما تذهبون للتسوق، وبدلاً من زجره ووصفه بالطماع قولي له: 'أنت تتمنى أن تحصل على كل اللعب، ولكن اختر لعبة الآن، وأخرى للمرة القادمة'. أو اتفقي معه قبل الخروج: 'مهما رأينا فلك طلب واحد أو لعبة واحدة'. وبذلك تتجنبين الكثير من المعارك، وتشعرين الطفل بأنك تحترمين رغبته وتشعرين به.
5ـ استمعي لطفلك وافهميه:
عادة ما يكون لدى الأطفال سبب للشجار، فاستمعي لطفلك، فربما عنده سبب منطقي لعدم طاعة أوامرك فربما حذاؤه يؤلمه أو هناك شيء يضايقه.
6ـ حاولي تفهم مشاعره:
إذا تعامل طفلك بسوء أدب، فحاولي أن تعرفي ما الشيء الذي يستجيب له الطفل بفعله هذا، هل رفضت السماح له باللعب على الحاسوب مثلاً؟ وجهي الحديث إلى مشاعره فقولي: لقد رفضت أن أتركك تلعب على الحاسوب وغضبت أنت وليس بإمكانك أن تفعل ما فعلت، ولكن يمكنك أن تقول أنا غاضب'.
وبهذا تفرقين بين الفعل والشعور، وتوجهين سلوكه بطريقة إيجابية وكوني قدوة، فقولي: 'أنا غاضبة من أختي، ولذلك سأتصل بها، ونتحدث لحل المشكلة'.
7ـ إياك والتهديد أو الرشوة:
إذا كنت تستخدمين التهديد باستمرار للحصول على الطاعة، فسيتعلم طفلك أن يتجاهلك حتى تهدديه، فإن التهديدات التي تطلق في ثورة الغضب تكون غير إيجابية، ويتعلم الطفل مع الوقت ألا ينصت لك.
كما أن رشوته تعلمه أيضًا ألا ينتبه لك، حتى يكون السعر ملائمًا، فعندما تقولين: 'سوف أعطيك لعبة جديدة إذا نظفت غرفتك' فسيطيعك من أجل اللعبة لا لكي يساعد أسرته أو يقوم بما عليه.
8ـ امدحيه وقبليه:
عندما يطيعك طفلك قبليه واحتضنيه أو امتدحي سلوكه 'ممتاز، جزاك الله خيرًا، عمل رائع'، وسوف يرغب في فعل ذلك ثانية، ويمكنك أيضًا أن تحدي من السلوكيات السلبية، عندما تقولين: 'يعجبني أنك تتصرف كرجل كبير ولا تبكي كلما أردت شيئًا'.
بعض الأمهات يستخدمون الهدايا العينية، مثل نجمة لاصقة، عندما يرون تشجيع أبنائهم لأداء مهمة معينة مثل: حفظ القرآن مثلاً، ويقومون بوضع لوحة، وفي كل مرة ينجح فيها توضع له نجمة ، وبعد الحصول على خمس نجمات يمكن أن يختار لعبة تشترى له أو رحلة وهكذا.
التوبيخ وسيلة خاطئة
وأخيراً يؤكد لك الخبراء أن التوبيخ وسيلة تربوية خاطئة وغير سليمة ، وهي لا تقل ضرراً عن الضرب , فالتوبيخ نوع من العنف يجب عدم اللجوء إليه ولو بدعوي التهذيب والتأديب ، لأنه يؤدي إلي القهر وإلي افتقاد الطفل الإحساس بالأمان
ويؤكد د. إبراهيم عيد - أستاذ الطب النفسي بكلية التربية جامعة عين شمس- أن الطفل الذي يتعرض للتوبيخ المستمر يشعر بأنه عاجز ويفقد الثقة في نفسه وفي إمكاناته وقدراته وفي كل من حوله ويخاف الآخرين.
و د. إبراهيم إلى أن الخوف في حد ذاته ينبوع العدوان الذي قد يتخذ صوراً متعددة منها تعذيب الذات, بل تتحول الشحنات العدوانية في داخله الي عدوان صريح, ومباشر ومعظم أصحاب السلوك العنيف هم في الأصل ضحايا ظروف اجتماعية وتربوية مفرطة في الشدة والقسوة وسوء معاملة الأبناء ، حسب ما ورد بجريدة " الأهرام ".
وينصح د.إبراهيم بتربية الأبناء علي الحوار والمناقشة واعتبارهم شركاء داخل الأسرة فيؤخذ رأيهم في المسائل المتعلقة بهم وفي القرارات التي يتحتم علي الأسرة اتخاذها بشأن بعض الأمور, كذلك يجب أن تقوم تربية الأبناء علي التسامح والتفاهم وترسيخ مفهوم الثقة المتبادلة.
وتذكر د. باربارا ابولند مؤلفة كتاب "لا توجد تعليمات محددة لضمان نجاح ابنك في الحياة " أنه يجب أن يعرف الآباء والأمهات متى يخففوا عن أبنائهم الضغوط ، مؤكدة أن هناك عدة طرق تساعد علي نجاح الأبناء في الحياة منها تشجيعهم علي الاستقلالية وإنماء قدراتهم الشخصية ومنحهم الثقة بالنفس, لأن معظم الآباء يتصورون أن أولادهم لابد أن يكونوا صورة طبق الأصل منهم في حين أنهم يجب أن يكونوا علي أفضل صورة لأنفسهم.