الإرهاب والعدل
«حكمت فعدلت فأمنت فنمت يا عمر» قالها رسول كسرى عندما رأى عمر وهو أمير المؤمنين نائماً تحت شجرة بملابس بسيطة.. وكأن الله أرسل هذا الرجل فى هذا الموقف ليقول هذه المقولة الشهيرة، ليتعلم منها كل مسؤول عن رعيته.. أن العدل أساس الأمن، وأن من يتخذ الطوارئ والأحكام العرفية مهما طبقها فى شدة لن تجلب الأمن والأمان مادام ابتعد عن العدل!..
إن حادث الحسين الأخير والذى أسفر عن مصرع سائحة فرنسية، وأكثر من عشرين مصاباً، هو دليل على أن من يحارب الإرهاب ويترك منابعه، كمثل من يعالج ويترك الوقاية وهى خير من العلاج..
لقد تركت الحكومة الشباب ذخيرة الوطن يصارع البطالة، وضللته بالوعود الكاذبة، وصورت له المستقبل كأجمل ما يكون، ولم تواجههم بالحقائق، وتمد لهم يد العون، فكانت النتيجة أنه يشعر بغربة فى بلاده، وأنه مظلوم ولا يأخذ حقه، والشباب معذور ما بين غياب الأخلاق والدين،
وتراجع دور الأسرة، وغياب القدوة، وطغيان المادة، واتساع الفجوة بين الأغنياء والفقراء، وانتشار المحسوبية والوساطة، وتقليد المناصب للمنافقين وكدابى الزفة وذوى الضمائر الضعيفة، فيلجأ بعض الشباب المحبط محدود المعرفة معدم الدخل إلى من يستغله باسم الدين تارة، أو باسم إصلاح البلد تارة أخرى، أو باسم حفنة دولارات..
وعلاج ظاهرة الإرهاب لا يكون بالعصا الغليظة وحدها، بل لابد للحكومة أولاً أن تعمل بمقولة رسول كسرى وأن تعدل فتأمن، وتجفف منابع الإرهاب، فتحصل على ثقة شعبها، ويزداد حبه لها، ومؤازرتها والالتفاف حولها، بدلاً من أن يشعر الشعب أنها فى واد وهو فى واد آخر..
وعلاج هذه الظاهرة لا يكون بترقيع الثوب المهلهل، بل بنسجه وبمشاركة جميع الشعب خاصة الشباب، فنحن فى حاجة إلى روح جديدة نزرعها فى نفوسهم، وقناة اتصال جديدة تتواصل معهم، بدلاً من إثارة شهواتهم فى كل وسائل الإعلام، فعلى كل مسؤولى الحكومة أن يعملوا على العدل، مثل عمر فيأمنوا على شعوبهم وعلى أنفسهم وسيجدون الشعب حارساً لهم، وليسوا هم الحراس عليه.
٣/ ٣/ ٢٠٠٩ المصرى اليوم