الجامعة الإلكترونية تواجه زيادة الأعداد.. وتعالج عيوب الكليات التقليدية.. وتراعي ذوي الاحتياجات
الجامعة الالكترونية في مصر نوع جديد من أنواع التعليم عن بعد وسيتم افتتاحها العام الدراسي المقبل في القاهرة وأسيوط وطنطا كمرحلة تجريبية وتشمل عدة كليات مثل التجارة والطب والحاسبات والاقتصاد والعلوم السياسية.
جدل واسع ثار حول مدي نجاح هذه التجربة خاصة أن البعض يري أنها ضرورة ملحة في ظل تدهور التعليم العالي والأعداد الكبيرة من الطلاب.
الخبراء يقولون إنها مطلب فعال في ظل التطور التكنولوجي السريع ومواكبة العصر الحديث خاصة أن هناك كوادر بشرية متميزة بالجامعات قادرة علي تحويل المقررات التقليدية إلي محتوي الكتروني فهل ستنجح التجربة ويتم تعميمها أم ستقتل في مهدها؟!!
قال د.عاطف العوام نائب رئيس جامعة عين شمس لشئون التعليم والطلاب إن الجامعة الالكترونية تعتبر تطورا طبيعيا لأساليب التدريس وهي حلقة تأخرنا في الأخذ بها في طريقة تعليم الطلاب.
أضاف أن هذه الجامعة تعتمد علي مقررات الكترونية تتم صياغتها خصيصا لهذا النوع من الدراسة بحيث تتضمن تفاعلا كاملا بين الطلاب والمقرر الدراسي يستطيع الطالب من خلالها ممارسة عملية التعليم عن طريق شبكة المعلومات ويتضمن المقرر المادة العلمية والأسئلة والاختبارات وإجاباتها بحيث يمكن قياس مستوي أداء الطالب من خلال تردده علي الموقع وفي نفس الوقت يستطيع التفاعل مع الأستاذ في أوقات محددة وتبادل المعلومات والإجابة علي الاستفسارات.
أوضح أن نظام العمل في هذه الجامعة يتضمن لقاءات تقليدية بنظام الدراسة المعتاد وتمثل تقريبا 25% من الفعاليات الدراسية أي أنها تضم كلا النوعيين من الدراسة الالكترونية والتقليدية حيث لا يمكن الاكتفاء بالنوع الأول فقط لأن مجرد تواجد الطالب في الفصل الدراسي يحقق جانبا هاما من أهداف العملية التعليمية.
أشار إلي أن وجود هذه الجامعة يحقق معرفة كاملة بهذه النظم الدراسية وهي تجربة جيدة ولكن تحتاج إلي استعدادات خاصة سواء من ناحية المعدات التكنولوجية أو أعضاء هيئة التدريس أو الإداريين والطلاب أنفسهم فيجب أن يكون الطالب مؤهلا للتعامل مع هذا النوع من الدراسة.
أكد العوام أنه بالتأكيد الجامعات الالكترونية يناسبها تخصصات معينة مثل تكنولجيا المعلومات وإدارة الأعمال وبعض التخصصات التي ستتلاءم مع طبيعة الدراسة بها ولكن لا يوجد ما يمنع من وجود معامل يحصل فيها الطالب علي الأجزاء العملية المطلوبة له فهي تمزج بين الأسلوب الالكتروني والأسلوب التقليدي كما أن بها فصولا افتراضية بمعني تجمع الطلاب مع الأساتذة عن طريق شبكة المعلومات يشبه الفصل التقليدي.
أضاف أنه يمكن إذن وجود أساليب متنوعة يمكن لهذه الجامعة أن تقدم بها الخدمة التعليمية وهي تجربة جيدة ويجب أن نعطيها مساحة من الوقت للحكم عليها.
مؤهلون
قال د.عبدالعزيز الشخص عميد كلية التربية بعين شمس انه لابد أن نكون مؤهلين لوجود مثل هذه الجامعات في مصر لأن أعداد الطلاب كبيرة وصعب جدا أن نقوم بإنشاء جامعات مثل الجامعات التقليدية أو حتي الخاصة أو الأهلية لاستيعاب مثل هذه الأعداد الضخمة مشيرا إلي أن نسبة الاستيعاب في التعليم العالي حوالي 30% علي أكثر تقدير وهناك مؤهلات متخصصة وهناك من يريد تغيير تخصصه لذلك فإن وجود هذه الجامعات الالكترونية أصبح ضرورة ملحة ومطلبا هاما.
أضاف أن هناك طلابا من الدول العربية يريدون التعليم في مصر لذلك فإنه سيكون من السهل عليهم ذلك إذا قامت الجامعات الافتراضية والتعليم عن بعد مما يؤدي إلي نتائج إيجابية علي مستوي التعليم والتطوير والاتجاه نحو تطبيق الجودة إذا تم تطبيقه بالشكل الصحيح.
أوضح أن لدينا كوادر بشرية متميزة ومتدربة علي الأجهزة التكنولوجية ولديهم القدرة علي عمل المقررات الالكترونية وهناك إدارة كاملة لتحويل المقررات إلي الكترونية و لكن لابد أن نري ضوابطها ومصروفاتها وكيفية متابعة الطلاب خلالها وذلك حتي تكون الظروف كاملة فهناك بعض التخصصات مثل العملية التي تحتاج إلي إجراء محاضرات مثل كلية الطب وذلك يمكن من خلال شبكة الفيديو كونفرانس واللقاء المباشر مع طلاب من كافة دول العالم.
ويري الشخص أن هذه الجامعات ستحدث تطورات هائلة في مجال التعليم العالي والاستفادة من الخبرات العالمية وفي توجيه الطلاب إلي استخدام وسائل العصر الحديثة ومواكبة التطور السريع في التكنولوجيا.
تجربة
قال د.محمد عصام خليفة عميد كلية الحاسبات والمعلومات بعين شمس إنه سيتم بدء التجربة في كليات تعمل ثلاث منها في أكتوبر القادم وهي الحاسبات والتجارة والطب مشيرا إلي أن فكرة الجامعة الالكترونية ممتازة لأنها عملية أكثر تنظيما وتبرز ميزة التعليم الالكتروني بأن يعلم الطالب نفسه كما يمكن له أن يعيد "الكورس" في أي وقت يريده وفي أي عدد من المرات.
أضاف أن هذه الجامعات ستفرز طرقا حديثه في التعليم ولابد أن يتم شرحها للناس حتي يفهموا أهميتها.
أوضح أنه سيكون هناك لقاء دوري مع أساتذة المادة من خلال هذه الجامعات ولن يقتصر الأمر علي مجرد التعليم الالكتروني بشكل نهائي.
أكد أن هذه التجربة ستعطي فرصة كبيرة للحالات التي تجد صعوبة في الذهاب للجامعات وذلك من خلال التعلم عن طريق المنزل وبالطريقة التي يريدها الطالب والوقت الذي يفضله وذلك سينشر مبدأ أن الطالب الذي سيقود العملية التعليمية حسسب احتياجاته وليس الأستاذ كما هو المعتاد في الجامعة التقليدية.
تزايد الأعداد
قالت د.ليلي عبدالمجيد عميد كلية الإعلام بجامعة القاهرة إن التعليم في مصر بحاجة لنظام التعليم الالكتروني خاصة في ظل تزويد عدد الطلاب والإقبال علي الجامعات.
أضافت أن نجاح التجربة يتوقف علي مدي جودة الدراسة وجودة المناهج التي ستكون متاحة في شكل اليكتروني ولابد أن نستغل وجود مثل هذا النوع المتطور من التعليم والوصول للاستفادة القصوي منه لحل مشاكل التعليم العادي فالتعليم الالكتروني نوع حديث وأسلوب جديد للتعليم ولكن لا يمكننا أن نستبدل التعليم العادي بالالكتروني.
أوضحت أنه من الضروري أن تكون هناك نسبة محددة لحضور الطلبة خاصة في الكليات العملية لضمان نجاح الأسلوب التعليمي الجديد كما يجب أن تكون هناك مرحلة تجريبية قبل تعميم النظام علي كافة جامعات مصر وتخصصاتها.
أضافت أن التعليم الالكتروني فرصة ووسيلة يجب الاهتمام بها حتي تأتي بالنتائج المطلوبة للوصول لنوعية جديدة من الطلاب يستطيعون المنافسة في سوق العمل.
يري د.عوض الغباري أستاذ اللغة العربية بجامعة القاهرة أننا مازلنا نحتاج لبعض التأهيل قبل تطبيق نظام التعليم الالكتروني بشكل متبادل بالنسبة للطالب والأستاذ الجامعي.
قال إنه يجب أولا أن ننجح في نظم التعليم العادي قبل الاتجاه لنظم وأساليب أخري جديدة فالعبرة ليست بتعدد الأنظمة والأشكال المختلفة للتعليم بقدر ما هو هام أن يكون مضمون هذه التجربة أكثر موضوعية وإضافة فعلية للتعليم الحالي.
أضاف أننا لا ننكر أهمية مواكبة التكنولوجيا الحديثة ومفردات العصر الحديث ولكن نرفض التوسع في أشكال التعليم مع وجود خلل مزمن في التعليم العادي فمثلا في الجامعات الإقليمية يتم التوسع فيها بشكل عشوائي دون أن تسهم في الإضافة الفعلية للتعليم بمصر فالمفروض أن يتم أولا تطوير القطاع الحالي للتعليم بالجامعات المصرية قبل أن نقوم بإضافة نمط آخر له.
أضاف أننا حاليا في مصر نعيش نوعا من الفوضي في التعليم تسمي بتنويع أساليب التعليم التي تتفرع لتعليم بنظام الانتساب وآخر انتظام وتعليم عربي وآخر أجنبي بالإضافة لمشاكل جامعة الأزهر وكل هذا يتم دون ضوابط فعلية حيث أصبح هناك قطاع تجاري يدير جزءا كبيرا من التعليم الذي يطلق عليه التعليم الخاص وبالتالي يجب أن نركز علي التطبيق الجيد لنظام الجامعة الالكترونية دون عشوائية في الأداء.
أوضح أن التعليم المفتوح مقيد للأفراد الذين لم تتح لهم الفرصة لاستكمال تعليمهم بعد المرحلة الثانوية ويسهل أيضا علي ذوي الاحتياجات الخاصة الذين يواجهون صعوبات في التنقل والحركة مثل الطالب العادي بالإضافة إلي توفير إنشاء المعامل ومصاريف إجراء التجارب بالنسبة للكليات العملية.
اقترح أن يتم التخطيط بشكل جيد للمشروع قبل البدء فيه عمليا فمستقبل مصر قائم علي مدي النجاح في التعليم ودراسة المشاريع المستجدة من جميع النواحي بما فيها الشرائح التي ستستفيد منه متسائلاً هل نحن في حاجة إليه فعلا أم أنه مجرد تقليد غربي فقط وهل فعلا التعليم التقليدي ناجح لهذه الدرجة لنبحث عن وسائل أخري جديدة وهل سيزيد من مشاكل التعليم المواجه أم سيسهم في حلها بشكل أكثر واقعة؟
ثورة الاتصالات
قال الدكتور عقيل رفاعي أستاذ التربية المقارنة والإدارة التعليمية المساعد بالمركز القومي للامتحانات والتقويم التربوي أن نظام التعليم الالكتروني مطلوب في ظل ثورة الاتصالات وعصر التكنولوجيا ويتوقع له النجاح إذا ما تم التنفيذ بشكل سليم فإن الفائدة سوف تشمل طلاب الكليات العملية والنظرية أيضا.
أضاف أنه يجب إعداد المتخصصين للتدريس فيها معرفيا ومهاريا وتوفير القاعات المجهزة تكنولوجيا وتزويدها بالفنيين المساعدين لإنجاز المشروع وتفعيل حالة من النجاح المتكامل.
أوضح أنه تجب الاستعانة بالأبحاث والدراسات العالمية في مجال التعليم الالكتروني والاطلاع عليها ومعرفة مدي نجاحها للاستفادة منها وأيضا توطيد وتوثيق العلاقات بين المؤسسات التعليمية للتعليم عن بعد داخل وخارج مصر في شكل بعثات علمية أو المراسلة عبر الانترنت.
أكد أن التعميم في المرحلة الأولي للمشروع لا يعد أمرا ذا جدوي كبيرة فلابد أولا من مرحلة تجريبية للتعرف علي نسب نجاح نظام التعليم الالكتروني في مصر.