يعرَف عسر القراءة، المتعارف عليه بـ «الديسلكسيا» Dyslexia ، بأنه إحدى صعوبات التعلم المتباينة، وهو خلل محدد متعلق باللغة ذو أصل تركيبي يتميز بصعوبة في تفكيك رموز الكلمة المنفردة، مما يعكس عادةً عدم كفاية في المعالجة الصوتية.
هذه الصعوبات في تفكيك رموز الكلمة المنفردة هي في الغالب غير متوقعة بالنسبة للعمر والقدرات الذهنية والأكاديمية الأخرى، كما انها غير ناتجة عن إعاقات نمائية عامة أو حسية.
ان عسر القراءة يظهر كصعوبة متغيرة مع الأشكال المختلفة للغة، وغالباً ما يضم بالإضافة لمشاكل القراءة، مشاكل واضحة في اكتساب التمكن من الكتابة والإملاء.
هناك عوامل تؤدي إلى صعوبات القراءة بصفة عامة منها:
العامل التربوي، وتندرج تحته طرق التدريس، حيث يعتقد الكثير أن لطريقة تدريس القراءة دورا أساسيا في إبراز عسر القراءة، كما يعتقدون أن الطريقة الصحيحة لتعليم القراءة هي تعليم الأطفال أسماء وأصوات الحروف أولاً لتكوين الأساس لقراءة أفضل.
إذن، سوف يكون الطفل الذي يتعلم بهذه الطريقة قادراً على تعلم الكلمات الجديدة وعلى التعرف على الكلمات غير المألوفة وعلى أداء أفضل في الإملاء.
العامل النفسي، يقول بعض الباحثين ان العسر القرائي متصل باضطرابات نفسية، ويجب التنويه بأن المشاكل العاطفية في الغالب تنتج بسبب عسر القراءة لا العكس، لكن وطأتها ستضاعف أي مشكلة في التعلم.
العامل العضوي، فهناك مناطق معينة في أدمغة الأطفال الذين يعانون من عسر القراءة تتطور بصورة أبطأ عن الأطفال العاديين، وأن عسر القراءة ينتج من بطء بسيط في نضج الدماغ.
كما أن الأبحاث الوراثية لعبت دورا مهما في اكتشاف أن 50% أو أكثر من الأطفال المعسرين في القراءة يتحدرون من عائلات بها حالات عسر قراءة أو اضطرابات متعلقة بها على مدى تاريخ العائلة. ويتيح مشروع الجينوم (الاطلس الوراثي) البشري تحديد الكروموسومات المسؤولة عن عسر القراءة. مهارات مهمة
جميع الأبحاث تتفق على أن هناك ثلاث مهارات يمكنها التنبؤ، بجدارة، بمقدرة التعلم على القراءة في مرحلة ما قبل المدرسة أو في الصف الأول، وأن الأداء الضعيف بها قد يكون مؤشراً على وجود عسر القراءة لدى الطفل وهي:
1- التعرف على الحروف والوعي الصوتي خصوصاً عند استخدام الاختبارات التي تعالج جميع أو معظم مهارات تحليل الكلمة المنطوقة.Phonological Awareness.
2- التسمية السريعة Rapid Naming لمصفوفات من الحروف أو الأرقام أو الألوان أو الأشكال للتعرف على القدرة الحالية والتنبؤ بالقدرة المستقبلية على التمكن من مهارات القراءة عبر استخدام اختبارات سهلة التطبيق تقوم على قياس سرعة المعالجة الذهنية Processing Speed في استرجاع مكونات لغوية.
3- المفردات التعبيرية Expressive Vocabulary وتقاس عادة بأن يطلب من الطفل تسمية رسومات أو صور منفردة لأشياء متعددة.
دور الأسرة والمدرسة
وننصح الأسرة التي يوجد بها طفل يعاني من عسر القراءة أو لديه صعوبات في التعلم بصفة عامة، بالتوجه إلى مراكز مختصة للكشف عن حالة ووضع الطفل ومن ثم القيام بإعطائه الخدمات المساندة سواء في المنزل أو المدرسة أو المركز.
ولا توجد اختبارات مقننة للكشف عن مثل هذه الحالات، خصوصاً بصعوبة القراءة، ولكن وجود مختصين في مجالات صعوبات التعلم وخبرتهم في التعامل مع اختبارات عديدة غير مقننة على العالم العربي في هذا المجال قد يساعد على تشخيص الحالات بوقت مبكر ووضع استراتيجيات لطرق التدريس اللازمة والتي بدورها تساهم في خفض هذه الصعوبات. وعلى الأسرة أو المدرسة، في هذا المجال، أن يقوموا بالتالي:
- تدريس الطريقة الصوتية لتعليم القراءة.
- توفير برامج مسح مبكر لطلاب المرحلة التمهيدية (قبل المدرسة) والتي يكون من نتائجها الكشف المبكر للطلاب الذين قد يواجهون صعوبات في التعلم، وهو ما يقوم به مركز المهارات.
- اتخاذ إجراءات لازمة لمساعدة هؤلاء الطلاب على تهيئة المكان المناسب لهم للدراسة حيث انهم ذووا ذكاء عادي أو ما فوق (أي لديهم قدرة عالية من التفوق في مجالات معينة)، ولكنهم لا يستطيعون مواكبة التواصل الدراسي في المدارس العادية وليسوا من فئة الطلاب الذين لديهم تخلف عقلي.
- ضرورة توفر اختصاصي علم نفس في مدارس الأطفال لما يحتاجه هؤلاء الأطفال من عناية نفسية من جراء الضغوط، والإحباط الذي يمرون به من جراء وجود هذه الصعوبات لديهم، ومساندة عاطفية من قبل جميع أفراد الأسرة لاحتوائه وعدم إحساسه بالفشل والإحباط ومقارنته بأقرانه في محيط العائلة، وتفهم حالته ورفع ثقته بنفسه.
- ويجب أن لا ندع هذه الصعوبة تسيطر على الطفل وتحرمه من التمتع بالقراءة الحرة، حيث ان هذه الصعوبة تستمر مع الطفل ولا تختفي ولكن نساعده على التكيف مع وضعه والعمل على تخفيف حدة العسر القرائي لديه وذلك بوجود كتب شيقة تتدرج مستوياتها حسب العمر والمرحلة الدراسية.